شهد يوم الثلاثاء 9 ديسمبر ختام أعمال ما يمكن أن نسميه بقمة اليوم الواحد في شيراتون الدوحة، وفيها اجتمع قادة الخليج لمناقشة موضوعات مهمة وحساسة. ولاحظت، في التغطيات السابقة على المناسبة الخليجية الأبرز، احتفاظ الكويت بأعلى نسبة توظيف لمواطني دول الخليج في القطاعين الخاص والحكومي، وصلت النسبة للأول في عام 2013 وحده إلى 75 في المئة، و25 في المئة موزعة بين بقية دول مجلس التعاون، وكان نصيب الكويت من الثاني 65 في المئة، ولم أكن أتوقع منافسة الإمارات في الوظائف الحكومية المتاحة لأهل الخليج، أو أن تأتي المملكة ثانيا في الفرص الوظيفية المشغولة بخليجيين في القطاع الخاص، على اعتبار أن الإمارات كانت دائما وجهة مناسبة لمن يرغبون في العمل خارج الحدود، وربما لعبت الدعاية القادمة من هناك دورا في بناء هذه الانطباعات، وغابت قضية أسعار النفط المتراجعة عن البيان الختامي رغم ما تنطوي عليه من أهميته، ويجوز أنها لا تنسجم وأولويات القمة في الفترة الحالية.
المشاريع الخليجية كثيرة، من بينها الربط المائي والكهربائي الذي لم يكتمل تماما، وتوجد طلبات مشاركة في المشروعين من دول مجاورة مع ممانعة خليجية، بجانب نظام حماية المستهلك الموحد وبريد «خليجي اكسبرس» والتنقل بالبطاقة الذكية، وإصدار العملة الموحدة أو«دينار الخليج» في مرحلة لاحقة وبعد الاتفاق على مقر المصرف، والأخير تحيط بها صعوبات تدور حول فكرة السيادة الوطنية والتنازل عنها، والأنسب ــ في اعتقادي ــ أن يكون دينار الخليج عملة مشتركة تصدر بجوار عملة البلد الأصلية، وأن يتم رفع حجم التبادل التجاري المحدود جدا بين دول المجلس، وهو في شكله الراهن لا يتجاوز العشرة في المئة، ولا يشجع أبدا على التكامل الاقتصادي أو تطوير سوق خليجية مشتركة على طريقة السوق الأوروبية.
اجتماع القادة في الدوحة كان مختلفا، بالتأكيد، وسجل ولأول مرة اتفاقا جماعيا في الموقف الخليجي من مصر في عهد رئيسها عبدالفتاح السيسي، وفي تطورات الأوضاع في ليبيا، وبارك مجهودات سلطنة عمان في مفاوضات الدول الست مع إيران وبرنامجها النووي، وكأنه في الحالة السابقة يعتبر السلطنة ممثلا لدول المجلس في المفاوضات، وفي هذا ذكاء سياسي يضع الكرة في ملعب من يمارسون ألعابا خاصة خلف الكواليس، والمباركة ألمحت إلى نزع أسلحة الدمار الشامل من الخليج والشرق الوسط، وأكدت على الحق في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، ويظهر أن الدول الخليجية تتجه نحو بناء مفاعلات نظيفة في المستقبل القريب.
كما تابعت القمة تقارير إنجاز سكة الحديد الخليجية، ومشروعها الواعد الذي سيتم تشغليه بالديزل في سنة 2018، وسييدأ من الكويت متنقلا بين السواحل والعواصم الخليجية، وبمسار يصل طوله الإجمالي إلى واحد وعشرين ألفا وسبعة عشر كيلومترا، وسرعة تقارب 220 كيلومترا في الساعة لقطار الركاب و120 كيلومترا في الساعة لقطار البضائع، ومكاسب المشروع الاقتصادية والاجتماعية كبيرة ومطلوبة لتقوية الروابط العاطفية والمالية بين الخليجيين.
الملفات الأمنية والعسكرية والسياسية حضرت بصورة لافتة، فقد أقر القادة الخليجيون في قمة الدوحة، وبالإجماع، إنشاء جهاز موحد لشرطة الخليج في أبوظبي الإماراتية يعمل بأسلوب «الإنتربول» ضمن الحدود الجغرافية لدول مجلس التعاون، والتنسيق الفوري في الجانب الأمني مفيد وضروري في مكافحة الإرهاب وتتبع الحالات الجنائية والمطلوبين. وأضاف إلى الشرطة قوة بحرية مشتركة أسماها «قوة الواجب البحري الموحدة 81» مقرها البحرين، وستعمل على حماية وتأمين الحدود البحرية الخليجية وإغلاقها في وجه المتسللين والمخربين وأصحاب المصالح الجيوسياسية، وجاءت مخرجات القمة منسجمة وتوقعات المراقبين فيما يخص الأزمات في سورية، والحق الفلسطيني، وفي إرهاب داعش وجبهة النصرة، وفي إيران وتدخلاتها المرفوضة في شؤون الخليج، وفي تحركات الحوثيين غير المقبولة في اليمن، والتذكير بالمبادرة الخليجية والحوار الوطني الشامل بين اليمنيين.
خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أطلق مبادرة اتحاد الخليج، أو التحول من صيغة التعاون إلى الاتحاد بين دول المجلس، استجابة لظروف المرحلة وتطوراتها واستعدادا لقادم غير معروف، والعالم كله يعيش زمن التكتلات، والمبادرة ولدت في قمة 2011، وأعيد طرحها في قمة 2012، ويبدو أن دول الخليج حسنت في موقفها قليلا، فقد رحبت بالمبادرة واقترحت أن يكون تطبيقها تدريجيا، حتى تتكامل المصالح الاقتصادية والعلاقات الاجتماعية والثقافية بين الخليجيين، واستبعاد السياسة من المعادلة المذكورة يكشف عن رغبة خليجية في تعددية سياسية داخل الاتحاد، والمطلب موجود ومطبق في تكتلات مشابهة نسبيا.
قمة الخليج في نسختها الخامسة والثلاثين لم تكن تقليدية ووفقت في الخروج بنتائج غير متوقعة.
المشاريع الخليجية كثيرة، من بينها الربط المائي والكهربائي الذي لم يكتمل تماما، وتوجد طلبات مشاركة في المشروعين من دول مجاورة مع ممانعة خليجية، بجانب نظام حماية المستهلك الموحد وبريد «خليجي اكسبرس» والتنقل بالبطاقة الذكية، وإصدار العملة الموحدة أو«دينار الخليج» في مرحلة لاحقة وبعد الاتفاق على مقر المصرف، والأخير تحيط بها صعوبات تدور حول فكرة السيادة الوطنية والتنازل عنها، والأنسب ــ في اعتقادي ــ أن يكون دينار الخليج عملة مشتركة تصدر بجوار عملة البلد الأصلية، وأن يتم رفع حجم التبادل التجاري المحدود جدا بين دول المجلس، وهو في شكله الراهن لا يتجاوز العشرة في المئة، ولا يشجع أبدا على التكامل الاقتصادي أو تطوير سوق خليجية مشتركة على طريقة السوق الأوروبية.
اجتماع القادة في الدوحة كان مختلفا، بالتأكيد، وسجل ولأول مرة اتفاقا جماعيا في الموقف الخليجي من مصر في عهد رئيسها عبدالفتاح السيسي، وفي تطورات الأوضاع في ليبيا، وبارك مجهودات سلطنة عمان في مفاوضات الدول الست مع إيران وبرنامجها النووي، وكأنه في الحالة السابقة يعتبر السلطنة ممثلا لدول المجلس في المفاوضات، وفي هذا ذكاء سياسي يضع الكرة في ملعب من يمارسون ألعابا خاصة خلف الكواليس، والمباركة ألمحت إلى نزع أسلحة الدمار الشامل من الخليج والشرق الوسط، وأكدت على الحق في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، ويظهر أن الدول الخليجية تتجه نحو بناء مفاعلات نظيفة في المستقبل القريب.
كما تابعت القمة تقارير إنجاز سكة الحديد الخليجية، ومشروعها الواعد الذي سيتم تشغليه بالديزل في سنة 2018، وسييدأ من الكويت متنقلا بين السواحل والعواصم الخليجية، وبمسار يصل طوله الإجمالي إلى واحد وعشرين ألفا وسبعة عشر كيلومترا، وسرعة تقارب 220 كيلومترا في الساعة لقطار الركاب و120 كيلومترا في الساعة لقطار البضائع، ومكاسب المشروع الاقتصادية والاجتماعية كبيرة ومطلوبة لتقوية الروابط العاطفية والمالية بين الخليجيين.
الملفات الأمنية والعسكرية والسياسية حضرت بصورة لافتة، فقد أقر القادة الخليجيون في قمة الدوحة، وبالإجماع، إنشاء جهاز موحد لشرطة الخليج في أبوظبي الإماراتية يعمل بأسلوب «الإنتربول» ضمن الحدود الجغرافية لدول مجلس التعاون، والتنسيق الفوري في الجانب الأمني مفيد وضروري في مكافحة الإرهاب وتتبع الحالات الجنائية والمطلوبين. وأضاف إلى الشرطة قوة بحرية مشتركة أسماها «قوة الواجب البحري الموحدة 81» مقرها البحرين، وستعمل على حماية وتأمين الحدود البحرية الخليجية وإغلاقها في وجه المتسللين والمخربين وأصحاب المصالح الجيوسياسية، وجاءت مخرجات القمة منسجمة وتوقعات المراقبين فيما يخص الأزمات في سورية، والحق الفلسطيني، وفي إرهاب داعش وجبهة النصرة، وفي إيران وتدخلاتها المرفوضة في شؤون الخليج، وفي تحركات الحوثيين غير المقبولة في اليمن، والتذكير بالمبادرة الخليجية والحوار الوطني الشامل بين اليمنيين.
خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أطلق مبادرة اتحاد الخليج، أو التحول من صيغة التعاون إلى الاتحاد بين دول المجلس، استجابة لظروف المرحلة وتطوراتها واستعدادا لقادم غير معروف، والعالم كله يعيش زمن التكتلات، والمبادرة ولدت في قمة 2011، وأعيد طرحها في قمة 2012، ويبدو أن دول الخليج حسنت في موقفها قليلا، فقد رحبت بالمبادرة واقترحت أن يكون تطبيقها تدريجيا، حتى تتكامل المصالح الاقتصادية والعلاقات الاجتماعية والثقافية بين الخليجيين، واستبعاد السياسة من المعادلة المذكورة يكشف عن رغبة خليجية في تعددية سياسية داخل الاتحاد، والمطلب موجود ومطبق في تكتلات مشابهة نسبيا.
قمة الخليج في نسختها الخامسة والثلاثين لم تكن تقليدية ووفقت في الخروج بنتائج غير متوقعة.